..

شهود يهوه

توطئة

سأقوم بدراستي هذه بتسليط الضوء على بدعة شهود يهوة متوقِّفًا بسرعة على تاريخها ومعنى اسمها ومؤسِّسيها مستفيضًا بكيفيَّة دخولهم إلى الجماعات المسيحيَّة وكيفيَّة إقناعهم، وما هي تعاليمهم

مقدِّمة

ينطبق على هذه البدعة بأنَّهم كانوا منَّا وقد خرجوا عنَّا، خرجوا من الكنائس المسيحيَّة وكوَّنوا جماعات منغلقة على ذاتها ومنفصلة عن الآخرين، تتوسَّل الكتاب المقدَّس من أجل نقل أفكارها، ويتَّخذون مواقف تدل على خوفهم على أنفسهم، من جرَّاء مواقفهم المتطرِّفة على مستوى المشاركة مع الآخرين في الحياة الاجتماعيَّة والسِّياسيَّة وحتَّى على مستوى التَّعامل مع الأطبَّاء والأدوية والعمليات الجراحيَّة ونقل الدَّم. يقرأون الكتاب بشكل حرفيّ، لكن إن طُرح عليهم سؤالاً مربكًا تهرَّبوا منه بحجَّة أنَّهم لم يفهموه منتظرين الجواب من مكتب برج المراقبة

تاريخها ومعنى اسمها

هي بدعة دينيَّة نشأت في الولايات المتَّحدة الأميركيَّة إلى جانب آلاف من البِدَع ومركزها العالميّ مدينة بروكلين نيويورك، ولها صحيفتان رسميتان “برج المراقبة للتَّوراة” و"نشرة جمعيَّة نيويورك". وقصَّة معنى الاسم هي عندما ظهر الله لموسى في العليقة قال له: " أنا هو الَّذي هو"1وقد استعملها الشُّهود من أشعيا2 “أنتم شهودي يقول الرَّب وأنا هو الله يهوة”. من هنا نعلم ارتباطها بالصُّهيونيَّة العالميَّة، فهي ترتكز على التَّوراة فتقرأ العهد الجديد على أساس العهد القديم؛ وقد حملت في باديء الأمر اسم “دارسي التَّوراة

مؤسسوها

المؤسِّس الأوَّل القس الأميركيّ شارل تاز روسل (1852- 1916) أصل إيرلنديّ، أصدر جريدة “برج مراقبة صهيون”، ومؤسِّس جمعيَّة “دارسي التَّوراة” ركَّز عمله على الوعظ والتَّبشير ووضع المنشورات

من بعض نفاقاته واختلاساته أنَّه ادَّعى أمام فلاحين بسطاء أنَّ قمحه عجائبيّ فباعهم الاثني عشر كيلوًا ونصف بسعر 60 دولارًا فأصدرت المحكمة بحقِّه حكم نفاق واختلاس وطلبت منه ردّ المال المسلوب

المؤسِّس الثَّاني القاضي جوزف فرانكلين رذرفورد (1869- 1941) وطَّد حركة “دارسي التَّوراة” ورئسها وكذلك جمعيَّة برج المراقبة وإدارة النَّشرات اليهويَّة، فاق روسل بعلمه، يؤمن أتباعه بأنَّ لا إله إلاَّ يهوة ورذرفورد نبيّه؛ بسبب تجاوزاته حُكم عليه بالسَّجن لبثِّه روح التَّمرُّد والخيانة

الرئيس الأعلى اليوم لشهود يهوة هو ناتان هومر كنور، نشر مؤلَّفات سلفه رذرفورد، فسخَّر الأقرص الفونوغرافيَّة، وتوزيع النّسخ بلا حساب، هو أعظم منظِّم “للمدرسة الكتابيَّة” الَّتي اتخذت لها اسم جلعاد3

دخولها في الجماعات

ستكون حصَّة الأسد لدراسة كيفيَّة دخول هذه الحركة وتعاليمها بين النَّاس، فبدعة شهود يهوة المتلوِّنة أصلاً بالبروتستانتيَّة واليهوديَّة فعلاً، تسرح في المجتمعات الغبيَّة، المتخلِّفة الثَّقافة، والممسوخة دينًا. تتذرَّع بسياستها الجهنَّميَّة بأساليب تهجُّميَّة على السُّلطات والأديان عامَّة، وعلى الكنيسة الكاثوليكيَّة خاصَّة، تتهجَّم على أقداس المقدَّسات، وتتحرَّش للطَّعن بأسمى العقائد، وتفتري جهرًا على أقدم الطُّقوس الدِّينيَّة في مظاهرها الاجتماعيَّة، لمحو الأديان، وتدمير الحكومات، وإفساد الأخلاق، ونسف القيم الأدبيَّة، وهدم الاقتصاد العالميّ. مستخدمة أحدث طُُرُق الدِّعاية لبثّ دعواتهم الهدَّامة ونشر تعاليمها المخرِّبة والمضلِّلة

ينهج مروِّجو هذه البدعة نهجًا واضحًا في دفاعهم عن تعاليمهم، وتقويض الأسس العقائديَّة لكافَّة الأديان، إذ لا يُركِّزون مجمل براهينهم وردودهم واعتراضاتهم إلاَّ على الكتاب المقدَّس دستورهم الأوَّل، دون الاعتراف بالتَّقليد المسيحيّ والتَّاريخ الكنسيّ؛ مفسِّرين الأحداث ومحوِّرين التَّاريخ بما يتَّفق مع أهدافهم وأغراضهم السِّياسيَّة والدِّينيَّة. إنَّهم يعلِّمون ديانة سهلة المنال والممارسة لأنَّها لا تحوي عقائد إيمانيَّة ولا شرائع ولا وصايا يجب العمل بمقتضاها، ولا عبادات ولا التزامات روحيَّة ولا أسرارًا. فإنَّ الإلزام الوحيد الَّذي يُفرض عليهم هو التَّبشير بملكوت الله. يقومون بدعاوة حارَّة وملحَّة، تنتهز من خلالها جميع الظُّروف والحالات، مستخدمة طريقة نابعة من الكتاب المقدَّس، إذ إنَّ المسيح هو شاهد الله الأعظم، ورسله يقتفون أثره، وهذا ما دفعهم إلى نقل كلمة الخلاص إلى الرِّجال والنِّساء والشُّيوخ والشُّبَّان والبالغين بل والأحداث، “خلافًا لما يصنع رجال الدِّين الَّذين يستقدمون النَّاس إلى كنائسهم الفخمة

يجب على طالب الخدمة لهذه الجماعة أن يمرَّ بفترة امتحان وتدريب، وأن يكون تحت تصرُّف يهوة بقيادة المسيح يسوع وأن يكون مقدامًا يتمّ عمله على غير هيبة، حتَّى إذا ما أكمل التَّدريب وتحقَّقت فيه الصِّفات المطلوبة، زوَّدته الهيئة الشَّرعيَّة بوثيقة استحقاق وصك تفويض

يوزِّع شهود يهوة الكتب والكراريس بلا حساب ليسهِّلوا على المستمع الاطِّلاع مليًا على الحقيقة الَّتي يعرضونها ويتهيًّأ للذين لم يسمعوا أن يستمدُّوا من تلك المنشورات نورًا، المقصود من توزيعها لا جمع المال والرِّبح، فتُقدَّم لهم مجَّانًا، يرتادون البيوت أيَّام الأحاد باعتبار أنَّ الأهلين متفرِّغون من كلِّ عمل؛ يدخلون المنازل شاء أصحابها أم أبوا، ويبدأون حالاً بعرض تعاليمهم، فإن كان هناك مقامومن، ذهبوا دون عودة، وإلاَّ فإنَّهم يتردَّدون مرارًا

يقصد شهود يهوة القرى الَّتي لا كاهن فيها، فيجدون تربة خصبة لبذر تعاليمهم، ولهم طريقة أخرى للتَّبشير وهي الحاكي، يحملونه ويدورون به الأحياء والسَّاحات العامَّة ويُلقون على السَّامعين اسطوانات سُجِّل عليها خطب رذرفورد وعدد 109. وعمدوا في الولايات المتَّحدة إلى مراكز الإذاعة، فاتَّفقوا مع 138 محطَّة تذيع لهم خطبة في كلّ أسبوع؛ وكلّ واحد من أصحاب الخدمة ملتزم بأن يقدِّم للهيئة العليا بيانًا في آخر كلِّ سنة ينطوي على ما بذله من الوقت في سبيل خدمته، وما وزَّعه من المطبوعات، وما عقده من الاختماعات، وما ألقاه من الدُّروس

المبشِّرون سواء أوقفوا حياتهم بجملتها أو بعض أوقاتهم على خدمة الرِّسالة اليهويَّة، ينالون أجرهم الكافي ليتفرَّغوا بالكليَّة للعمل التبشيريّ؛ ناشرين فوق رؤوس الشَّعب سلاح الخوف بتنبؤهم بكارثة قريبة كدنو يوم الرَّب ونشوب معركة هرمجدُّون الفاصلة. ولا يكتفون بالإرهاب، بل يعدون البشر بازدهار ماديّ وآداب سهلة المنال، وبفردوس أرضيّ وشيك يتمتَّعون فيه بجميع أنواع ملاذ الحواس؛ كلّ هذا كان أداة فعَّالة لنشر هذه التَّعاليم اليهويَّة

أهم الاعتراضات الَّتي يوجهَّها شهود يهوة

  1. الله هو يهوة، فلا يجوز أن نُسمِّي الله إلاَّ باسم يهوة، ولكن الله قد عاد فكشفه مجدَّدًا لخدَّامه الأمناء أي الشُّهود ليعمِّموه بين البشر ويوضحوا لهم معناه
  2. إنَّ كلمة ابن وولادة ليس لها محل في الإلهيَّات، ولا يليق بالدِّين المسيحيّ أن يحتفظ بها في كتبه التَّعليميَّة

تعتبر جميع أفرادها خدَّامًا لله، وتقدِّم خدمتهم الأساسيَّة بالوعظ منتقلين من بيت إلى بيت، وجميع الكتب والمنشورات، ويحسبون هذه الأعمال خدمة إلهيَّة حقيقيَّة. ويُقسم شهود يهوة إلى عدَّة أقسام

الواعظون: يكرِّسون جزءًا من وقتهم للوعظ ولبيع الكتب والمنشورات الخاصَّة بالبدعة

الرُّواد العامُّون: هم وُعَّاظ يكرِّسون عشرات السَّاعات في الشَّهر لنشر عقيدتهم وما يتبقَّى من وقت لديهم، يمكن تشغيله في نشاط يكافأون عنه، فيقبضون نسبة مئويَّة ممَّا يبيعون من منشورات

الرُّواد الخاصُّون: يكرِّس هؤلاء الرُّواد أقلَّه 150 ساعة عمل في الشَّهر، ويحصلون من المؤسَّسة على مساعدات ماليَّة يحتاجونها، وعدد الوُعَّاظ أكبر من الرُّواد. وإنَّما كلا الفريقين ملتزم بتقديم تقارير دقيقة عن نشاطه، وعن مبيع الكتب والمنشورات، وتعتمد الجمعيَّة هذه التَّقارير لإجراء الإحصاء الإجماليّ عن نشاطها

مراحل الارتداد

  1. يحضر إثنان من شهود يهوة إلى البيت بحثًا عن شخص يلتقيانه فيه، وبعد إلقاء عظة معدَّة مسبقًا، وتُعتبر توطئة، يعرضان عليه شراء، أو أقلَّهُ شراء إحدى منشورات البدعة
  2. يزورون الشَّخص الَّذي قبل المنشور أو اشتراه مرَّة ثانية، ليشجعانه على متابعة دراسة المنشور الَّذي ارتضاه، وتُسمَّى هذه الزِّيارة بالإضافيَّة أو “التَّكميليَّة
  3. وإذا أظهر الشَّخص الَّذي زاروه اهتمامًا كبيرًا بالأمر، يعرضان عليه عندئذٍ القيام بدراسة الكتاب المقدَّس كلّ يوم في المنزل، وتقتصر هذه الدِّراسات في المنزل على بعض الأشخاص. بغاية انتزاع الشَّاهد اليهوهيّ المستقبليّ شيئًا فشيئًا من أفكاره القديمة عن الله، وعن دينه… ويحقِّقون ذلك بواسطة تقنيات بارعة ومتقنة جدًّا (؟)، والمؤلَّفات الَّتي يستخدمونها لذلك، تكون صادرة عن دار الطِّباعة لجمعيَّة برج المراقبة، ولا يستخدمون الكتاب المقدَّس إلاَّ للتَّثبُّت من المراجع
  4. عندما يجتاز المتعاطف معهم هذه المرحلة، يدعوانه إلى اجتماع لدراسة الكتب حيث يُضحي يلتقي بأشخاص قدماء في البدعة
  5. حينئذٍ يُدعى المنضوي الجديد إلى المشاركة في اللقاء اللاحق، يوم الأحد في دار الجمعيَّة، وتحصل هناك دراسة في “برج المراقبة” جريدة البدعة، فيكشف فآنذاك الشَّاهد اليهوهيّ الجديد ما هي المؤسَّسة وما هو تنظيمها
  6. يصل الآن المرتدّ إلى مرحلة جديدة، إذ يُدعى إلى لقاء الخدمة، حيث يعدّ المنضوون الجُدد للخدمة الفعليَّة
  7. المرحلة الأخيرة: يتكرَّس الشَّاهد اليهوهيّ الجديد رسميًّا، عن طريق العماد بالتَّغطيس، لمهمَّة الوعظ وخدمة يهوة

بعض أنظمة هذه البدعة

عندما يُقبل طلب المنضوي، يشترط عليه قطع كل علاقة مع الأديان الأخرى الَّتي يسمُّونها “بابل الكبرى”، ومع أحد أخص أفراد عائلته، فيتبع للمؤسّضسة بشكل كليّ، فيُطلب منه البدء بإزالة المصلوب، ونزع كلّ صورة وأيقونة، وأن يحمل أصدقاءه على فعل الشِّيء نفسه.، وإنَّ من يخرج من هذه المؤسَّسة يُعامل بقسوة شديدة جدًّا، لدرجة أنَّ هذه البدعة “تفرض على أعضائها الامتناع عن السَّلام على من ينسحب منها، أو يُغادرها لدى الالتقاء به في مكان عام، كما يُحظَّر عليهم استقباله في بيوتهم

إنَّ أمر هذه البدعة يثير الدَّهشة فعلاً، إذ إنَّها ما تزال قائمة بالرّغم من أنَّها قد أعلنت ست مرَّات متتالية، حصول أحداث ولم تحصل. فقد تنبَّأ روسل امؤسِّس بمجيء هرمجدون، وبتتابع سنة 1874، 1914، 1918، وتنبَّأ خليفته رذرفورد سنة 1925، بعودة إبراهيم وإسحق ويعقوب إلى الأرض، وبنى لاستقبالهم قصرًا فخمًا، ثمَّ تنبَّأ سنة 1930 بحصول عصر سعيد للإنسانيَّة، وعيَّن الرَّئيس قبل الأخير مرَّات عديدة، أنَّ سنة 1975 تكون سنة نهائيَّة “نظام الأشياء الشِّريرة” وإن فشل التَّبشير نفسه يصبح نجاحًا للمنظَّمة، لتخرج البدعة من المأزق وترى مخرجًا لفشلها: 1) خيبة أمل قصيرة عامَّة. 2) إعادة فحص النُّصوص الَّتي ارتز عليها، واكتشاف الخطأ في فهم النُّصوص فهمًا واسعًا. 3) التأكيد أنَّ شيئًا ما حدث فعلاً، ولكن بشكل غير منظور. 4) إسترجاع المنتخبات التَّبشيريَّة “المخفقة” لإدخالها من جديد في بنية “نبويَّة”. 5) التَّشديد على الكوارث والاهتزازات، وعلى مشاكل العالم الحاضر لإظهار صحَّة إعلان شهود يهوة عن نهاية العالم الوشيكة

إنَّ أولى مهمَّات شهود يهوه تقوم في الواقع، بنشر أدب المؤسَّسة، وبطبع أخبارها الصَّالحة. والشَّاهد اليهوهيّ عندما يعرض مناشير الجمعيَّة أو منشوراتها، وعندما يكون يُدَرِّس الكتاب المقدَّس للمرتدِّين المحتملين، يكون يتمّ “خدمة إلهيَّة”. ولقد ملأوا العالم حسب إحصاء حديث، بأكثر من مليار كتاب وكُتيِّب، وبأكثر من عدَّة مليارات من المجلات الدَّوريَّة لشرح الكتاب المقدَّس

يقوم شهود يهوه بكل هذه النَّشاطات الضَّخمة لشرح الكتاب المقدَّس، لأنَّهم يتعبرون أنفسهم وحدهم مخوَّلين شرحه، وإثبات كلّ شيء من خلاله؛ عكس بقيَّة المسيحيِّين

نشاطهم بحسب منشوراتهم

إنَّ رسالتهم كمبشِّرين تلزمهم العمل أربع وعشرين ساعة على أربع وعشرين ساعة، ولا يبقى لهم الوقت سوى المدَّة الَّتي يذهبون فيها إلى العمل ويعودون منه، ووقت استراحة الظُّهر

شهود يهوة والمراقبة الدَّائمة

يلزم وفق تعليمات الجمعيَّة، زيادة 10% كلّ سنة أعضاء جدد إلى الجمعيَّة. وهذا الأمر يتطلَّب جهودًا مضنية من قِبَل المنادين الوُعَّاظ، فأقامت لوحة في صدر قاعة الملكوت، ليتمكَّن الجميع من رؤيتها، تُسجَّل عليها كلّ شهر ساعات الوعظ والزِّيارات الثَّابتة، ودراسات الكتاب المقدَّس في المنزل، وتوزيع المنشورات

منشورات شهود يهوة الأساسيَّة

لقد غرَّق شهود يهوة العالم بأكثر من مليار نسخة من مطبوعاتهم المختلفة: كتب مقدَّسة، كتب، ومنشورات مخصَّصة لشرح عقيدة البدعة وتقريبها من الفهم، فضلاً عن المجلَّتين الدَّوريتين المهمّتين وهما

برج المراقبة: إنَّها نشرة نصف شهريَّة، وتُعتبر جريدة البدعة الرَّسميَّة

إستيقظوا: مجلَّة دوريَّة يُطبع منها تقريبًا تسعة ملايين نسخة، حسب إحصاء سنة 1975

الكتاب المقدَّس يعنونونه هكذا: الكتاب المقدَّس ترجمة العالم الجديد. بيع منه خلال سنة 1975-1976 مليونان وخمس مائة ألف نسخة

عدد شهود يهوة

هم ناشطون في أكثر من 200 بلد في العالم، يبلغ عددهم حاليًّا خمسة ملايين تقريبًا، ويبلغ عددهم في فرنسا 65 ألفًا، ويبلغ هذا العدد مع المتعاطفين معهم حوالى 150 ألفًا في فرنسا

كيف يعيش شهود يهوه

كثيرون من شهود يهوه يتوقون توقًا شديدًا إلى كمال أدبيّ، فيعيش حياة صارمة نوعًا ما، إنَّهم يأبون التَّقشُّف والزُّهد، يُسمح لهم التَّسلية لكن باعتدال، يُحرَّم عليهم الغناء أو الإصغاء إلى كلام يتناقض مع المبادىء الكتابيَّة. ويُحظَّر عليهم الرَّقص، وكذلك الألعاب الَّتي يزاولها المجتمع، والصِّيد والبحر، ويُحظَّر عليهم التَّدخين إذ يعتبرونه تقليدًا وثنيًّا، ويُسمح لهم بشرب الكحول باعتدال، وفيما يتعلَّق بالمال، فلا يسمحون بصرفه بطيش، إذ البدعة تحتاجه كثيرًا، ويستطيعون أن ينقطعوا عن العمل، لكن بتجنُّب الكسل

الزَّواج والحياة الزَّوجيَّة في عقيدتهم

يلتزم شهود يهوه الزَّواج ببعضهم، ويتلو رجل في قاعة الملكوت، حديثًا كتابيًّا خلال عقد زواجاتهم، ويعتبرون الزَّواج إتِّفاقًا لا يُنقض، فيما بين الشَّريكين، ويُحذَّر قطعًا تعدُّد الزَّوجات، والطَّلاق فلا يُسمح به، إلاَّ في حالات الزِّنى، ويُعتبر الزَّوجان المطلَّقان لأسباب أخرى، مرتبطين به أبدًا في نظر الله، ولا يعترض شهود يهوة على تحديد النَّسل

العلاقة مع الآخرين

يُطلب إلى شهود يهوه، الامتناع عن مطالعة الكتب أو منشورات لم تطبعها مؤسَّستهم، وتُحظِّر عليهم أيضًا الكتب الفلسفيَّة واللاهوتيَّة أو الكتب النَّقديَّة الخاصَّة بالكتاب المقدَّس

محفل يوم الأحد

يُدعى إلى هذا المحفل المتعاطفون مع شهود يهوه، ويحصل هذا الاجتماع الأحديّ بعد الظُّهر غالبًا، ويقوم بالإصغاء إلى حديث طويل، يدور حول موضوع دينيّ، يدوم حوالي ساعة، ويرتكز باستمرار على نصوص كتابيَّة. وتُعدّ جمعيَّة برج المراقبة الحديث ومضمونه ومحتواه، ويُطلب إليهم استقدام بعض الأشخاص الَّذين باتوا يهتموُّن “بحقائق الملكوت

يعقد شهود يهوه اجتماعات أخرى، كالاجتماع الَّذي يحصل مثلاً بعد محفل الأحد، وحيث يُدعى إليه أشخاص ذوو إرادة صالحة، ويُدرس فيه بالتَّفصيل محتوى جريدة “برج المراقبة”، ويُعقد اجتماع آخر لدراسة الكتب الَّتي تنشرها البدعة، إمَّا في قاعة الملكوت، أو في موضع آخر وتجري فيه الدِّراسة عن طريق الأسئلة والأجوبة

شهود يهوه والعذراء

يرفض شهود يهوه تسمية مريم العذراء، أم يسوع بأمّ الله، ويعتبرون هذه التَّسمية تجديفًا حقيقيًّا ، إذ هم يرون في العذراء إمرأة كباقي النِّساء، ولا يعتقدون ببراءتها من الدَّنس، منذ الحبل بها، كما أنَّهم ينكرون عذريّتها بعد ولادة يسوع، وانتقالها إلى السَّماء بجسدها وروحها، ويعتبرون تلاوة المسبحة الورديَّة فعل عبادة أوثان حقيقيَّة

شهود يهوة والصَّليب

يؤكِّد شهود يهوة بأنَ المسيح عُلِّق على عمود، سُمِّرت يداه ورجلاه إلى شجرة “عمود التَّعذيب”، وهو لم يُصلب البتَّة، لذلك فهم يحرِّمون تعلق الصَّليب في بيوتهم، وفي أعناقهم، ويعتبرون تكريم الصَّليب خلال الاحتفالات الدِّينيَّة، عمل عبادة وثنيّ

ترجمة العالم الجديد

يستخدم شهود يهوة فقط الكتاب المقدَّس الَّذي طبعوه والمعنون هكذا: “الكتاب المقدَّس ترجمة العالم الجديد” ووزعوا منه ملايين النُّسخ. وطُبع هذا الكتاب أوَّلاً باللغة الإنجليزيَّة، ونُقل فيما بعد إلى الفرنسيَّة سنة 1963

ترجمات مغلوطة وتفسيرات معكوسة

نجد في العالم الجديد هذا ترجمات مغلوطة، مثلاً: “هذا يُمثِّل جسدي أو يرمز إليه، بدل هذا هو جسدي، وقد شوَّهوا الكلام ليصبح مطابقًا لمعتقدهم، إذ يعتبرون العشاء السِّريّ هو ذكرى. ويترجمون آية من بداية إنجيل يوحنَّا: “في البدء كان الكلمة، والكلمة كان لدى الله، والكلمة كان إلهًا بدل والكلمة كان الله

نقرأ في أعمال الرُّسل (أع17: 11): “وكانوا يتصفَّحون الكتب كلَّ يوم ليتبيَّنوا صحَّة هذا الأمر” ويُقصد بهذا الكلام، أنَّ اليهود كانوا يتصفَّحون الكتب ليتأكَّدوا من صحَّة ما حدَّثهم به القديس بولس. ولكن شهود يهوه حوَّروا ترجمته هكذا: “وما كان المسيحيون الأوَّلون يتردَّدون في استيضاح كلمة الله ليجدوا فيها شرحًا لأمور تحدث في عصرهم

(روما13: 1-7) " ليخضع كلّ إمرئ للسُّلطات الَّتي بأيديهم الأمر، فلا سلطة إلاَّ من عند الله، والسُّلطات هو الَّذي أقامها”. فيُقصد بهذا أنَّ السُّلطات المدنيَّة يجب طاعتها لأنها تستمد سلكتها من الله، وبما أنَّ شهود يهوه لا يُقرُّون ولا يعترفون بأيّ تنظيم ثيوقراطيّ غير تنظيمهم، رتحوا ينعتون تلك السلطات بالعليا والفوقيَّة، فتُضحي هذه التَّرجمة تتناقض مع سياق النَّصّ، بل يُصبح معناها عكس المعنى المقصود

هل النَّفس خالدة؟

يقرّ شهود يهوة بأنَّ الإنسان ذكيّ يسمو على الحيوان، ولكن مع ذلك فهو نظيره، إذ لا يحوز سوى نفس حيَّة. ولذلك هو يتوارى بكلَّته كالحيوان كما يقولون، فلا هو يحوي جوهرًا روحيًّا، ولا بذار الخلود. ولتبرير عقيدتهم هذه، راح شهود يهوه يستندون على نصوص من الكتاب المقدَّس، ويشرحونها على طريقتهم الخاصَّة. ويقولون أنَّ الحيَّة (الشيطان) هي الَّتي اخترعت الخلود الملازم للنَّفس الإنسانيَّة. وتُشكِّل عقيدة الخلود هذه المكر الأساسيّ الَّذي بثَّه الشَّيطان، ونشره عبر العصور، ليُضلِّل الإنسانيَّة، وليجعل الأديان الَّتي نشأت كلّها، أو ارتكزت على مثل هذا الادِّعاء، تستعبد الإنسان؛ والقيامة تعني لهم خلق كوائن جديدة

هل يسيطر الشَّيطان على العالم الَّذي نعيش فيه؟

يعتبرون أنَّ العالم الَّذي نعيش في، خاضعًا للشِّيطان خضوعًا تامًّا، وعن الشِّيطان هذا ينجم كلّ الشَّر الَّذي نلحظه حولنا. وأنَّ كل العقائد الأساسيَّة: الثَّالوث، ألوهيَّة المسيح، خلود النَّفس، الأعياد الدِّينيَّة، تنبثق كلّها عن الشَّيطان، وهو حاضر في كلِّ مكان: في الكنائس، والحكومات، والدُّول مهما كان نوع الحكم فيها، والأونسكو نفسه، وجمعيَّة الأمم هما أيضًا ابتكار شيطانيّ ليُبَسِّط عبرهما نفوذه على العالم

يعتقد شهود يهوه بأنَّ الشِّيطان أمات يسوع بواسطة خلفائه على الأرض، ولكنَّه اضطرَّ سنة 1914 إلى شنِّ الحرب ضدّ الله في السَّماء، فغلب وقذف به إلى الأرض؛ وبما أنَّه لم يعد يستطيع الوصول إلى السَّماء، أصبح يقوم بنشاط متواصل مستخدمًا كلّ الدِّيانات لصالحه، وكلّ الكنائس والمنظَّمات السِّياسيَّة

هل يخلص كلّ البشر؟

يؤكِّد شهود يهوه بأنَّ المسيح لم يمت عن الجميع، ولذلك فليس جميعهم يخلصون، إنَّ خطايا الضُّعف وحدها تُفتدى بذبيحة المسيح، وبعد النَّدم عليها. أمَّا الَّذين يخطأون خطايا إراديَّة كآدم، وتكون مخالفتهم لشريعة الله بوعي وبصورة مألوفة، فهم يكونون أيضًا ممنوعين من الخلاص، ومحكوم عليهم بالموت النِّهائيّ والأبديّ

كيف يفهمون الأسرار؟

يدعون أوَّلاً إلى الاقتداء بالمسيح للخلاص، ويؤكِّدون أنَّ المسيح قام قبل كلِّ شيء بالتَّبشير، ولهذا يلزمهم مثله التَّبشير في كلِّ مكان، وبالأخصّ الانتقال من بيت إلى بيت، ولا يتطلَّب هذا الأمر دراسات معمَّقة وتنشئة خاصَّة

يتكلَّم شهود يهوه على العماد، فلا يعتبرونه سرًّا، فهو لا يغفر الخطايا، كما أنَّه لا يُدخل إلى الإيمان، بل هو محض حركة رمزيَّة تشير إلى أنَّ واحدًا يتكرَّس لله. ولا يعتبرون عمادًا يتمّ، غير العماد بالتَّغطيس، ويَرون في منح العماد للأولاد عملاً يستوجب السُّخرية، ويُطلب من المنضوين إليهم بحذف أسمائهم من سجلّ عماد كنيستهم القديمة، ليُؤكِّدوا بذلك إرادة الانضمام الكليّ للبدعة

يُنكر شهود يهوه سر الاعتراف، ولا يرون وسيلة لغفران الخطايا، في غير طلب الأمر ذاك من الله وفي الصَّلاة، ويمكن للشَّاهد اليهويّ أن يعترف بخطاياه جهارًا في مناسبة العماد، أو أمام ممثلي البدعة، الرَّسميِّين؛ ويمتنعون عن الاحتفال بسرّ الافخارستيَّا، إذ يُنكرون كلّ قيمة للقدَّاس، ويؤمنون بأنَّ ذبيحة المسيح قدّمت مرَّة واحد، ولا يمكن تجديدها، إلاَّ أنَّهم يجتمعون مرَّة واحدة في السَّنة لإقامة العشاء السِّريّ، ويُفضِّلون تسميته “بالذِّكرى”، ويجري الاحتفال بهذه الذِّكرى خلال أسبوع الآلام، وتدعو البدعة الجميع للمشاركة في غرفة الملكوت. ووحدهم المدهونون الَّذين يُحسبون في عداد ال (144ألف)، يُخوَّلون لتناول الخبز والخمر، أو كما يقولون “بأخذ الرُّموز

عقائد البدعة حسب كتبهم

  1. الحقيقة تحرِّرنا.
  2. اقترب الملكوت.
  3. ليُعرف الله في حقيقته. والمنشورات التَّالية: أمير السَّلام، لإفرحي أيتها الأمم، شهود يهوه في بوتقة الاختبار، الفرح لكل البشر، المجلَّة الدَّوريَّة الشَّهريَّة (برج المراقبة

لا يملُّون من العمل البشريّ ولا يكلُّون، وعندما يراهم الشَّعب هكذا مقتنعين مهذَّبين وغيورين يتأثَّر بهم ويُضحي يُؤيِّدهم، وفي كلّ الحالات فإنَّهم يُعطون المثل الأعلى للمسيحيِّين الَّذين يمكنهم أن يفعلوا أكثر من شهود يهوه، وأفضل منهم، إذ هم مستنيرون أكثر، ولذا يلزمهم إعلان الحقيقة بالجرأة الَّتي يعلن بها شهود يهوه ضلالهم

يُفرض على أتباع هذه البدعة، إتَّخاذ موقف سلبيّ من الدَّولة، ويُريحون الضَّمائر القلقة من هذا الموقف بالقول، إنَّه يحق لهم أسوة بباقي الأديان الإعفاء، من الخدمة العسكريَّة. ويُقدِّمون سببًا آخر لاتِّخاذ هذا الموقف، وهو أنَّهم كتلاميذ المسيح، يُعفون من التَّدريب العسكريّ، إذ هم خدَّام كليّ القدرة، وهم يُحاربون كجنود في جيش المسيح، ولا يسمح لهم المسيح في المشاركة في حرب لحميَّة على الأرض، ولا يمكنهم هجر جيش المسيح لينضووا إلى جيش دنيويّ؛ كلَّفهم هذا الموقف الكثير من المتاعب والمشاكل

مرجع

  • صيفي أنطوان (الأب)، 1994.ط1، إعرف شهود يهوه، العقيبة: مطبعة دكَّاش

  1. (خر3: 14-15) ↩︎

  2. (أش 43: 12) ↩︎

  3. من عشائر بني يوسف (عدد36: 1 ↩︎